أسماء ممنوعة من الصرف
فهد عامر الأحمدي
فنزويلا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك وزارة لتنمية ذكاء الشعب .. ولأن الشعب الذكي لا يملك أسماء غبية فقد أصدرت الحكومة قرارا بمنع كافة الأسماء الغبية والمضحكة والمشينة .. فخلال الانتخابات الأخيرة (التي فاز فيها الرئيس الحالي هوغو شافيز) اكتشفت الحكومة ترشح أسماء تضر بسمعة البلاد كسوبرمان، وهيروسوني، ونورث كوريا ، وبتش فش (وتعني السمكة العاهرة) !!
... وبطبيعة الحال فنزويلا ليست الدولة الوحيدة التي تحرم على شعبها أسماء معينة .. فقد لاحظت شخصيا أن هذه الظاهرة تنتشر لدى الدول ذات الطابع الأيدلوجي الواضح (سواء كانت اشتراكية أو قومية أو دينية) ! فالأيدلوجيات الدينية المتشدد تمنع اتخاذ أسماء ذات علاقة قوية بالديانات أو المذاهب المنافسة (ومثال ذلك البرتغال وكوبا اللتين كانتا تمنعان الأسماء غير الكاثوليكية) أما الاشتراكية فتحاول دائما اتخاذ خط مستقل عن الثقافة الرأسمالية والأمريكية على وجه الخصوص ( وبالتالي نادرا ما كانت الأسماء الروسية تخلو من اللاحقة أووف) أما الاعتزاز القومي فقد يمنع بعض الدول من اتخاذ أسماء خاصة بثقافات وقوميات أخرى منافسة (مثل فرنسا التي كانت تمنع حتى 1971التسمي بالأسماء الانجليزية وتملك قائمة مفرنسة يتحتم على الآباء الاختيار منها) !! وكنت شخصيا أعمل في مدرسة ثانوية اطلعت خلالها على الكثير من الأسماء المخجلة والمضحكة التي كانت - على أي حال - مسجلة رسميا .. وفي المقابل - ولا أكشف بهذا سرا - لدينا الكثير من الأسماء الممنوعة لأسباب دينية أو مذهبية أو قومية (مثل عبد النبي وعبد الحسين / وأجنبية كسوزان وكاترين / وذات طابع روحاني أو ديني كملاك وتقوى / وأسماء سياسية أو مركبة مثل صدام حسين وسيف الدين ...) . أما في ليبيا فهناك (قانون 24) الذي صدر عام 2001ويمنع الأسماء "غير العربية" حتى على أطفال المدارس ؛ وبناء على هذا القانون منعت أو سحبت أسماء شائعة كنسرين وسارة وفتحي ومدحت وخيرية بحجة أنها فارسية أو تركية !! غير أن منع أسماء معينة في أي مجتمع يتعارض بالضرورة مع الهوية الثقافية لبعض الأفراد أو الفئات داخل المجتمع نفسه ( ناهيك عن أن أسباب المنع تكون في الغالب أحادية أو غير منطقية أو خاضعة لمزاجية الموظف) .. فمنع الأسماء غير العربية مثلا لا يتفق مع استعمال القرآن لها أو تسمي بعض الصحابة بها ؛ فهناك مثلا أسماء سريانية أو عبرية كإبراهيم وسارة ويعقوب، وفارسية وتركية كفردوس وعاتكة وسلافة ، أو حتى أسماء حبشية كمشكاة وبروع في حين قد تبدو بعض الأسماء "أجنبية" رغم أنها "عربية" مثل لجين وهانيبعل ورانوناء ! .. أضف لهذا ان التشدد في منع أسماء منتشرة منذ قرون لدى أبناء الطوائف أو القوميات الصغيرة قد يؤدي لنتائج عكسية تفوق بأضعاف أهداف المنع نفسه (فالقانون الليبي مثلا يثير حفيظة الطوارق والأفارقة ممن يتخذون أسماء غير عربية ، كما يثير القانون المغربي حفيظة البربر كونه لا يقبل أسماء أمازيغية أصيلة مثل ماسين وأيور وأكسيل) !! ... في رأيي المتواضع الاسم الوحيد الذي يجب منعه أو تغييره هو الاسم الذي لا يرتضيه الانسان لنفسه ...